تدخلوها حتى يؤذن لكم) بدخولها من جهة من يملك الإذن فإن المانع من الدخول ليس الاطلاع على العورات فقط، بل وعلى ما يخفيه الناس عادة مع أن التصرف في ملك الغير بغير إذنه محظور، واستثنى ما إذا عرض فيه حرق أو غرق أو كان فيه منكر ونحوه وعن مجاهد قال: المعنى فإن لم تجدوا فيها أحداً، أي لم يكن فيها متاع. وضعفه ابن جرير. وهو حقيق بالضعف فإن المراد بالأحد المذكور أهل البيوت الذين يأذنون للغير بدخولها لامتاع الداخلين إليها.
(وإن قيل لكم) أي: إن قال لكم أهل البيت: (ارجعوا فارجعوا) ولا تعاودوهم بالاستئذان مرة أخرى ولا تنتظروا بعد ذلك أن يؤذن لكم بعد أمرهم لكم بالرجوع. ولا تقفوا على الباب ملازمين، ثم بين سبحانه أن الرجوع أفضل من الإلحاح وتكرير الاستئذان، والقعود على الباب، والإصرار على الانتظار، فقال:
(هو) أي الرجوع (أزكى لكم) أي: أفضل وأطهر من التدنس بالمشاحة على الدخول ومن اللج والعناد والوقوف على الأبواب، لما في ذلك من سلامة الصدر، والبعد من الريبة، والفرار من الدناءة والرذالة، وإذا حضر أحد إلى الباب فلم يستأذن وقعد على الباب منتظراً جاز وكان ابن عباس يأتي دور الأنصار لطلب الحديث فيقعد على الباب ولا يستأذن حتى يخرج إليه الرجل فيراه ويقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو أخبرتني بمكانك؟ فيقول هكذا أمرنا أن نطلب العلم (والله بما تعملون عليم) لا تخفى عليه من أعمالكم خافية، ومنه الدخول بإذن وغير إذن.