للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتخاطر الناس عليه وكل ما قومر به فهو ميسر كالطاب والمنقلة والطاولة وغيرها، وسيأتي البحث مطولاً في هذا في سورة المائدة عند قوله (إنما الخمر والميسر) إن شاء الله تعالى.

(قل فيهما إثم كبير) يعني في الخمر والميسر، فإثم الخمر أي إثم تعاطيها ينشأ من فساد عقل مستعملها فيصدر عنه ما يصدر عن فاسد العقل من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش والزور، وتعطيل الصلوات وسائر ما يجب عليه، وأما إثم الميسر أي إثم تعاطيه فما ينشأ عن ذلك من الفقر وذهاب المال في غير طائل والعداوة وإيحاش الصدور.

(ومنافع للناس) أما منافع الخمر فربح للتجارة فيها، وقيل ما يصدر عنها من الطرب واللذة والنشاط والفرح وقوة القلب وثبات الجنان وإصلاح المعدة وقوة الباه (١) وتصفية اللون، وحمل البخيل على الكرم، وزوال الهم وهضم الطعام، وتشجيع الجبان، وقد أشار شعراء العرب إلى شيء من ذلك في أشعارهم.

ومنافع الميسر مصير الشيء إلى الإنسان بغير تعب ولا كد، وما يحصل من السرور والأريحية عند أن يصير له منها سهم صالح، وسهام الميسر أحد عشر، منها سبعة لها فروض على عدد ما فيها من الخطوط وهي الفذ والتوأم والرقيب والحلس والنافر والمسبل والمعلى والسفح والوغد والضعف والجزور، ولا نطول بذكر علاماتها وأحوالها.

(وإثمهما أكبر من نفعهما) أخبر سبحانه بأن الخمر والميسر وإن كان فيهما نفع فالإثم الذي يلحق متعاطيهما أكثر من هذا النفع، لأنه لا خير يساوي فساد العقل الحاصل بالخمر، فإنه ينشأ عنه من الشرور ما لا يأتي عليه الحصر، وكذلك لا خير في الميسر يساوي ما فيها من المخاطرة بالمال والتعرض للفقر


(١) باهَ لهُ بيهاً: فطِن. [قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا في هامش المطبوع، وأظن المراد هنا بـ (الباه): الجماع، والله أعلم]

<<  <  ج: ص:  >  >>