للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيمان وقيل القيام بحقوق النكاح حتى يقوم العبد بما يلزم بها وتقوم الأمة بما يلزم للزوج، أو المراد بالصلاح أن لا تكون صغيرة لا تحتاج إلى النكاح، وخص الصالحين بالذكر ليحصن دينهم ويحفظ عليهم صلاحهم، ولأن الصالحين منهم هم الذين مواليهم يشفقون عليهم وينزلونهم منزلة الأولاد في المودة، وكانوا مظنة التوصية والاهتمام بهم، ومن ليس بصالح فحاله على العكس من ذلك، وذكر سبحانه الصلاح في المماليك دون الأحرار لأن الغالب في الأحرار الصلاح بخلاف المماليك.

وفيه دليل على أن المملوك لا يزوج نفسه وإنما يزوجه ويتولى تزويجه مالكه وسيده، وقد ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للسيد أن يكره عبده وأمته على النكاح وقال مالك لا يجوز، ثم رجع سبحانه إلى الكلام في الأحرار فقال:

(إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) أي لا تمتنعوا من تزويج الأحرار بسبب فقر الرجل والمرأة أو أحدهما مالاً فإنهم إن يكونوا فقراء يغنهم الله سبحانه ويتفضل عليهم بذلك، فإن في فضل الله غنية عن المال فإنه غاد ورائح، قال الزجاج: حث الله على النكاح وأعلم أنه سبب لنفي الفقر ولا يلزم أن يكون هذا حاصلاً لكل فقير إذا تزوج فإن ذلك مقيد بالمشيئة، وقد يوجد في الخارج كثير من الفقراء لا يحصل لهم الغنى إذا تزوجوا، وقيل المعنى أنه يغنيهم بغنى النفس أي القناعة، وقيل المعنى أن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله من فضله بالحلال ليتعففوا عن الزنا، والوجه الأول أولى ويدل عليه قوله سبحانه: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء) فيحمل المطلق هنا على المقيد هناك.

وقيل هو اجتماع الرزقين رزق الزوج والزوجة، وقيل إنَّ الله وعد الغنى بالنكاح وبالتفرق وهو قوله: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته) وجملة (والله واسع عليم) مقررة لما قبلها ومؤكدة والمراد أنه سبحانه ذو سعة لا ينقص من سعة ملكه غنى من يغنيه من عباده، عليم بمصالح خلقه، يغني من يشاء ويفقر من يشاء ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>