للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن دينار، والضحاك، وأهل الظاهر، فقالوا: يجب على السيد أن يكاتب مملوكه إذا طلب منه ذلك، وعلم فيه خيراً، وقال الجمهور من أهل العلم، لا يجب ذلك، وتمسكوا بالإجماع على أنه لو سأل العبد سيده أن يبيعه من غيره لم يجب عليه ذلك، ولم يجبر عليه، فكذا الكتابة لأنها معاوضة.

ولا يخفاك أنه حجة واهية، وشبهة داحضة، والحق ما قاله الأولون وبه قال عمر وابن عباس واختاره ابن جرير عن أنس بن مالك قال: سألني سيرين المكاتبة فأبيت عليه، فأتى عمر بن الخطاب فأقبل علي بالدرة وقال: كاتبه وتلا (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً) فكاتبته قال ابن كثير إن إسناده صحيح.

وعن يحيى بن كثير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن علمتم فيهم حرفة، ولا ترسلوهم كلاًّ على الناس ". أخرجه أبو داود في المراسيل، والبيهقي في سننه. ولا تجوز الكتابة على أقل من نجمين عند الشافعي، وجوزها أبو حنيفة إلى نجم واحد، وقيل: إن الأمر مطلق، فيجوز حالاً، ومؤجلاً، ومنجماً، وغير منجم. ثم أمر سبحانه الموالي بالإحسان إلى المكاتبين فقال:

(وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) ففي هذه الآية الأمر للمالكين بإعانة المكاتبين على مال الكتابة، إما بأن يعطوهم شيئاً من المال أو بأن يحطوا عنهم مما كوتبوا عليه. وظاهر الآية عدم تقدير ذلك بمقدار، وقيل: الثلث، وقيل الربع، وقيل: العشر. ولعل وجه تخصيص الموالي بهذا الأمر هو كون الكلام فيهم، وسياق الكلام معهم، فإنهم هم المأمورون بالكتابة.

وقال الحسن والنخعي وبريدة: إن الخطاب بقوله: (وآتوهم) لجميع الناس. وقال زيد بن أسلم: إن الخطاب للولاة بأن يعطوا المكاتبين من مال الصدقة حظهم، كما في قوله سبحانه: (وفي الرقاب)، وللمكاتب

<<  <  ج: ص:  >  >>