لهما، وهو بهذا المعنى لا يصح إطلاقه على الله تعالى، إلا بتقدير مضاف أي ذو نور السماوات كقولك زيد عدل.
أو يكون المراد المبالغة في وصفه سبحانه بأنه نور لكمال جلاله وظهور عدله وبسطة أحكامه، كما يقال فلان نور البلد، وقمر الزمن، وشمس العصر، قيل ومعنى النور في اللغة الضياء. وهو الذي يبين الأشياء وُيري الأبصار حقيقة ما تراه فيجوز إطلاق النور على الله على طريقة المدح. ولكونه أوجد الأشياء المنورة، وأوجد أنوراها. ويدل عليه قراءة زيد بن علي وأبي جعفر وعبد العزيز المكي: الله نَوَّرَ السماوات والأرض على صيغة الفعل الماضي. وفاعله ضمير يرجع إلى الله والسماوات مفعوله فمعنى الله نورهما أنه سبحانه صيرهما منيرتين باستقامة أحوال أهلهما وكمال تدبيره عز وجل لمن فيهما كما يقال الملك نور البلد، وهكذا قال الحسن ومجاهد والأزهري والضحاك والقرظي وابن عرفة، وابن جرير وغيرهم.
وقال هشام الجواليقي وطائفة من المجسمة: إنه سبحانه نور لا كالأنوار وجسم لا كالأجسام. وقال ابن عباس وأنس في الآية: الله هادي السماوات والأرض فهم بنوره إلى الحق يهتدون وبهدايته من حيرة الضلالة ينجون، وقيل نور السماء بالملائكة ونَوَّرَ الأرض بالأنبياء، وقيل مزين السماء والأرض زين السماء بالشمس والقمر والنجوم وزين الأرض بالأنبياء والعلماء والمؤمنين ويقال زين الأرض بالنبات والأشجار، وقيل معناه أن الأنوار كلها منه وقد يذكر هذا اللفظ على طريق المدح كما قال الشاعر.
إذا سار عبد الله من مرو ليلة فقد سار عنها نورها وجمالها وعن ابن عباس يدبر الأمر فيهما نجومهما وشمسهما وقمرهما، (مثل نوره) مبتدأ، وخبره (كمشكاة) أي صفة نوره الفائض عنه الظاهر على الأشياء كمشكاة، وهذه الجملة إيضاح لما قبلها وتفسير فلا محل لها، وثم مضاف محذوف أي كمثل مشكاة وهي الكوة في الحائط التي لا منفذ لها كذا حكاه الواحدي عن جميع المفسرين وحكاه القرطبي عن جمهورهم.