ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال: حدثني عن قول الله يعني هذه الآية قال: مثل نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم ككوة ضربها الله مثلاً لفمه، فيها مصباح والمصباح قلبه، والزجاجة صدره، كأنها كوكب دري، شبه صدر محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالكوكب الدري، ثم رجع المصباح إلى قلبه؛ فقال يوقد من شجرة إلى قوله يكاد قال: يكاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم يبين للناس ولو لم يتكلم أنه نبي كما يكاد الزيت أن يضيء ولو لم تمسسه نار.
قال ابن العربي: قال ابن عباس: هذا مثل نور الله، وهداه، في قلب المؤمن، كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسسه النار، فإن مسته النار زاد ضوؤه، كذلك قلب المؤمن، يكاد يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم؛ فإذا جاء العلم زاد هدى على هدى، ونوراً على نور، كقلب إبراهيم من قبل أن تجيئه المعرفة، قال: هذا ربي من قبل أن يخبره أحد بأن له رباً، فلما أخبره الله أنه ربه زاد هدى، إذ قال له ربه: أسلم، قال: أسلمت لرب العالمين.
وأقول: إن تفسير النظم القرآني بهذا، ونحوه، مما تقدم عن أُبيّ ابن كعب، وابن عباس، وابن عمر رضي الله تعالى عنهم ليس على ما يقتضيه لغة العرب، ولا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يجوز العدول عن المعنى العربي إلى هذه المعاني، التي هي شبيهة بالألغاز والتعمية، ولكن هؤلاء الصحابة ومن وافقهم ممن جاء بعدهم استبعدوا تمثيل نور الله سبحانه بنور المصباح في المشكاة، ولهذا قال ابن عباس: هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة. كما قدمنا عنه. ولا وجه لهذا الاستبعاد، فإنا قد قدمنا في أول البحث ما يرفع الإشكال ويوضح ما هو المراد على أحسن وجه، وأبلغ أسلوب، وعلى ما تقتضيه لغة العرب، ويفيده كلام الفصحاء، فلا وجه للعدول عن الظاهر، لا من كتاب. ولا من سنة، ولا من لغة.
وأما ما حكي عن كعب الأحبار في هذا كما قدمنا فإن كان هو سبب