أصحابنا تعليم الصبيان في المساجد، لأنهم لا يتحرزون عن الأقذار والأوساخ فيؤدي ذلك إلى عدم تنظيف المساجد. وقد ورد في تعظيم المساجد وتنزيهها عن القذر واللغو وتنظيفها وتطييبها أحاديث ليس هذا موضوع ذكرها.
(يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) قرئ يسبح مبنياً للفاعل وللمفعول، فعلى الثانية يكون رجال مرفوعاً بفعل مقدر كأنه قيل من يسبحه؟ فقيل يسبحه رجال وعلى الأولى يكون رجال فاعل يسبح وقرئ تسبح بالفوقية وكسر الموحدة وعلى هذا يكون الفاعل أيضاً رجال، وإنما أنث الفعل لكون جمع التكسير يعامل معاملة المؤنث في بعض الأحوال.
واختلف في هذا التسبيح ما هو؟ فالأكثرون حملوه على الصلاة المفروضة قالوا: الغدوة صلاة الصبح، والآصال صلاة الظهر والعصر والعشاءين لأن اسم الآصال يشملها، والمعنى يصلي له فيها بالغداة صلاة الصبح. وبالآصال صلاة الظهر والعصر، والعشائين، وإنما وحد الغدو، لأن صلاته واحدة، وفي الآصال صلوات، والآصال جمع أصل جمع أصيل، وهو العشي، وقيل صلاة الصبح والعصر.
وقيل المراد صلاة الضحى، قاله ابن عباس وعنه في الآية قال: هي المساجد تكرم، وينهى عن اللغو فيها، ويذكر فيها اسم الله، يتلى فيها كتابه، يسبح له فيها بالغدو والآصال، صلاة الغداة، وصلاة العصر، وهما أول ما فرض الله من الصلاة فأحب أن يذكرهما ويذكر بهما عباده، وعنه قال: إن صلاة الضحى لفي القرآن، وما يغوص عليها إلا غواص في هذه الآية، وقيل المراد بالتسبيح هنا معناه الحقيقي، وهو تنزيه الله سبحانه عما لا يليق به في ذاته وصفاته وأفعاله، ويؤيد هذا ذكر الصلاة والزكاة، بعده وهذا أرجح مما قبله، لكونه المعنى الحقيقي مع وجود دليل، يدل على خلاف ما ذهب إليه الأولون وهو ما ذكرناه، قيل: خص الرجال بالذكر في هذه المساجد لأن النساء ليس عليهن حضور المساجد لجمعة ولا لجماعة.