العلم، ويجاب عن قولهم إن هذه الآية ناسخة لآية المائدة بأن سورة البقرة من أول ما أنزل، وسورة المائدة من آخر مما نزل، والقول الأول هو الراسخ، وقد قال به مع من تقدم عثمان بن عفان وطلحة وجابر وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك كما حكاه النحاس والقرطبي، وقد حكاه ابن المنذر عن المذكورين، وزاد عمر بن الخطاب وقال: لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك.
وقال بعض أهل العلم: إن لفظ المشرك لا يتناول أهل الكتاب لقوله تعالى (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين) وعلى فرض أن لفظ المشركين يعم فهذا العموم مخصوص بآية المائدة كما قدمنا عن مقاتل بن حيان قال: نزلت هذه الآية في أبي مرثد الغنوي استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في عناق أن يتزوجها، وكانت ذات حظ من جمال، وهي مشركة وأبو مرثد يومئذ مسلم فقال يا رسول الله إنها تعجبني، فأنزل الله (ولا تنكحوا المشركات) أخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: حرم الله نكاح المشركات على المسلمين ولا أعرف شيئاً من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى أو عبد من عباد الله.
(ولأمة مؤمنة خير من مشركة) أي ولرقيقة مؤمنة أنفع وأصلح وأفضل من حرة مشركة، وقيل المراد بالأمة الحرة لأن الناس كلهم عبيدٌ لله وإماؤه والأول أولى لأنه الظاهر من اللفظ ولأنه أبلغ فإن تفضيل الأمة المؤمنة على الحرة المشتركة يستفاد منه تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة بالأولى.
قال ابن عرفة: يجيء التفضيل في كلامهم إيجاباً للأول ونفياً عن الثاني، فعلى هذا لا يلزم وجود خير في المشركة مطلقاً.