محرمة على المهاجرين ففي الحديث لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن توفي بمكة وقال في الصحيح أيضاً يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً، وظاهر قوله (كما استخلف الذين من قبلهم) كل من استخلفه الله في أرضه فلا يخص ذلك بني إسرائيل ولا أمة من الأمم دون غيرها قرئ على البناء للفاعل والمفعول.
(وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) معطوفة على ليستخلفنهم داخلة تحت حكمه كائنة من جملة الجواب، والمراد بالتمكين هنا التثبيت والتقرير أي يجعله الله ثابتاً مقرراً ويوسع لهم في البلاد ليملكوها ويظهر دينهم على جميع الأديان، والمراد بالدين هنا الإسلام كما في قوله (ورضيت لكم الإسلام ديناً)، ذكر سبحانه وتعالى الاستخلاف لهم أولاً وهو جعلهم ملوكاً، وذكر التمكين ثانياً فأفاد ذلك أن هذا الملك ليس على وجه العروض والطروّ بل على وجه الاستقرار والثبوت بحيث يكون الملك لهم ولعقبهم من بعدهم.
(وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً) معطوفة على التي قبلها وقرئ من أبدل ومن بدل وهما لغتان وزيادة البناء تدل على زيادة المعنى فقراءة التشديد أرجح من التخفيف، وزعم ثعلب أن بينهما فرقاً، وأنه يقال بدلته أي غيرته وأبدلته أزلته وجعلت غيره مكانه قال النحاس: وهذا القول صحيح والمعنى أنه سبحانه يجعل لهم مكان ما كانوا فيه من الخوف من الأعداء أمناً ويذهب عنهم أسباب الخوف الذي كانوا فيه بحيث لا يخشون إلا الله سبحانه ولا يرجون غيره.
وقد كان المسلمون قبل الهجرة وبعدها بقليل في خوف شديد من المشركين، لا يخرجون إلا في السلاح، ولا يمسون ولا يصبحون إلى على ترقب لنزول المضرة بهم من الكفار، ثم صاروا في غاية الأمن، والدعة وأذل الله لهم شياطين المشركين وفتح عليهم البلاد ومهد لهم في الأرض ومكنهم منها فللَّه الحمد.