للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما يروى عن ابن عباس وعبيدة السلماني أنه يجب على الرجل أن يعتزل فراش زوجته إذا حاضت فليس ذلك بشيء.

ولا خلاف بين أهل العلم في تحريم وطء الحائض وهو معلوم من ضرورة الدين.

وقد أخرج مسلم وأهل السنن وغيرهم عن أنس، " أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت، فسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فأنزل الله (ويسئلونك عن المحيض) الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح (١) ".

(ولا تقربوهن) بالجماع (حتى يطهرن) قرىء بالتخفيف والتشديد، والطهر انقطاع الحيض والتطهير الاغتسال، وبسبب اختلاف القراء اختلف أهل العلم فذهب الجمهور إلى أن الحائض لا يحل وطؤها لزوجها حتى تتطهر بالماء، وقال محمد بن كعب القرظي ويحيى بن بكير: إذا طهرت الحائض وتيممت حيث لا ماء حلت لزوجها وإن لم تغتسل، وقال مجاهد وعكرمة إن انقطع الدم يحلها لزوجها ولكن تتوضأ.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن انقطع دمها بعد مضي عشرة أيام جاز له أن يطأها قبل الغسل وإن كان انقطاعه قبل العشرة لم يجز حتى تغتسل أو يدخل عليها وقت صلاة، وقد رجح ابن جرير الطبري قراءة التشديد.

والأولى أن يقال أن الله سبحانه جعل للحل غايتين كما تقتضيه القراءتان إحداهما انقطاع الدم والأخرى التطهر منه، والغاية الأخرى مشتملة على زيادة على الغاية الأولى فيجب المصير إليها، وقد دل على أن الغاية الأخرى هي


(١) مسلم ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>