(اللاتي لا يرجون نكاحاً) أي لا يطمعن فيه لكبرهن، وقال أبو عبيدة: اللاتي قعدن عن الولد وليس هذا بمستقيم، لأن المرأة تقعد عن الولد وفيها مستمتع. وقيل هن العجائز اللواتي إذا رآهن الرجال استقذروهن. فأما من كانت فيها بقية جمال، وهي محل الشهوة فلا تدخل في حكم هذه الآية، ثم ذكر سبحانه حكم القواعد فقال:
(فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن) التي تكون على ظاهر البدن كالجلباب، والرداء الذي فوق الثياب، والقناع الذي فوق الخمار، ونحوها، لا الثياب إلى العورة الخاصة، والخمار. وإنما جاز لهن ذلك لانصراف الأنفس عنهن، إذ لا رغبة للرجال فيهن، فأباح الله سبحانه لهن ما لم يبحه لغيرهن. وعن ابن عباس في الآية قال: هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار، وتضع عنها الجلباب، ما لم تتبرج بما كرهه الله. وعنه أنه كان يقرأ أن يضعن من ثيابهن، ويقول: هو الجلباب، وعن ابن عمر قال: تضع الجلباب، وعن ابن مسعود مثله، وزاد الرداء، ثم استثنى حالة من حالاتهن فقال:
(غير متبرجات بزينة) أي غير مظهرات للزينة التي أمرن بإخفائها في قوله (ولا يبدين زينتهن) لينظر إليهن الرجال، أو زينة خفية كقلادة، وسوار وخلخال. والتبرج التكشف، والظهور للعيون والتكلف في إظهار ما يخفي وإظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال، ومنه بروج مشيدة، وبروج السماء. ومنه قولهم سفينة بارجة أي لا غطاء عليها.
(وأن يستعففن) أي وأن يتركن وضع الثياب، ويطلبن العفة عنه، وقرئ بغير السين (خير لهن والله سميع عليم) أي كثير السماع، والعلم بليغهما.