وقد ذهب السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة إلى ما ذكرناه من تفسير الآية وأن إتيان الزوجة في دبرها حرام، وروي عن سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك ابن الماجشون أنه يجوز ذلك، حكاه عنهم القرطبي في تفسيره قال: وحكي ذلك عن مالك في كتاب له يسمى كتاب السر، وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب، ومالك أجل من أن يكون له كتاب سر، ووقع هذا القول في العتبية.
وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند جواز ذلك إلى زمرة كثيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة عن كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن.
قال الطحاوي: روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم قال: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني شك في أنه حلال، يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ (نساؤكم حرث لكم) ثم قال: فأي شيء أبين من هذا.
وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك وفي أسانيدها ضعف.
وقد روى الطحاوي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول: ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحليله ولا تحريمه شيء، والقياس أنه حلال، وقد روى ذلك أبو بكر الخطيب. (١)
قال ابن الصباغ: كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد كذب ابن عبد الحكم على الشافعي في ذلك فإن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه.
وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن جابر قال: كانت
(١) وقد ورد التحريم صريحاً بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. " لا تأتوا النساء في أعجازهن " رواه أحمد والنسائي.