(سبحانك) التعجب مما قيل لهم، لكونهم ملائكة. أو أنبياء معصومين، أو جمادات لا تعقل، أي تنزيهاً لك.
(ما كان ينبغي) وقرئ مبنياً للمفعول قال ابن خالويه: زعم سيبويه أنها لغة، أي ما صح ولا استقام (لنا أن نتخذ من دونك) أي متجاوزين إياك (من أولياء) فنعبدهم فكيف ندعو عبادك إلى عبادتنا نحن مع كوننا لا نعبد غيرك، والولي يطلق على التابع كما يطلق على المتبوع، هذا معنى الآية على قراءة الجمهور (نتخذ) مبيناً للفاعل وقرئ مبنياً للمفعول. والمعنى أن يتخذنا المشركون أولياء من دونك، وقال أبو عبيدة: لا تجوز هذه القراءة وبه قال أبو عمرو بن العلاء، وعيس بن عمر؛ لأنه سبحانه ذكر (من) مرتين، ولو كانت صحيحة لقال أن نتخذ من دونك أولياء أي لحذفت من الثانية، وقيل إنها زائدة، ثم حكى عنهم سبحانه بأنهم بعد هذا الجواب ذكروا سبب ترك المشركين للإيمان فقال:
(ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر) وفي هذا ما يدل على أنهم هم الذين ضلوا السبيل، ولم يضلهم غيرهم، والمعنى ما أضللناهم؛ ولكنك يا رب متعتهم ومتعت آباءهم بالنعم، ووسعت عليهم الرزق، وأطلت لهم العمر، حتى غفلوا عن ذكرك، ونسوا موعظتك، والتدبر لكتابك والنظر في عجائب صنعك، وغرائب مخلوقاتك؛ وجعلوا ذلك ذريعة إلى ضلالهم؛ عكس القضية؛ وقيل المراد بنسيان الذكر هاهنا، هو ترك الشكر.
(وكانوا) هؤلاء الذين أشركوا بك، وعبدوا غيرك في قضائك الأزلي (قوماً بوراً) أي هلكى، قاله ابن عباس مأخوذ من البوار، وهو الهلاك يقال رجل بائر. وقوم بور؛ يستوي فيه الواحد والجماعة. لأنه مصدر يطلق على القليل والكثير، أو جمع بائر، وقيل البوار الفساد، يقال: بارت بضاعته أي فسدت، وأمر بائر، أي فاسد، وهي لغة الأزد. وقيل المعنى الأخير فيهم مأخوذ من بوار الأرض، وهو تعطيلها من الزرع، فلا يكون فيها خير، وقيل إن