ليست على الوجه الذي طلبوه والصورة التي اقترحوها، بل على وجه آخر وهو يوم ظهورهم لهم عند الموت أو عند الحشر، قال مجاهد: يوم القيامة، وعن عطية العوفي نحوه.
(لا بشرى يومئذ للمجرمين) أي يمنعون البشرى يوم يرون، أو لا توجد لهم بشرى فيه، فأعلم سبحانه بأن الوقت الذي يرون فيه الملائكة وهو وقت الموت أو يوم القيامة قد حرمهم الله البشرى، بخلاف المؤمنين فلهم البشرى بالجنة، قال الزجاج: المجرمون في هذا الموضع الذين اجترموا الكفر بالله، وهو ظاهر في موضع مضمر، أو عام يتناولهم بعمومه، وهم الذين اجترموا الذنوب والمراد: الكفار، لأن مطلق الأسماء يتناول أكمل المسميات.
(ويقولون) عند مشاهدتهم للملائكة: (حجراً) حراماً (محجوراً) هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند لقاء عدو، وهجوم نازلة هائلة، يضعونها موضع الاستعاذة يقال للرجل: أتفعل كذا؟ فيقول: حجراً محجوراً أي حراماً عليك التعرض لي.
والمعنى يطلبون من الله أن يمنع المكروه فلا يلحقهم أي: يسأله أن يمنع ذلك منعاً، ويحجره حجراً. وقيل إن هذا من الملائكة أي يقولون للكفار: حراماً محرماً أن يدخل أحد منكم الجنة. وأن تكون البشرى اليوم إلا للمؤمنين وقال أبو سعيد الخدري: حراماً محرماً أن نبشركم مما نبشر به المتقين، وعن الحسن. وقتادة قالا: هي كلمة كانت العرب تقولها عند الشدائد، وقال مجاهد: أي عوذاً معاذ الملائكة تقوله والحجر مصدر بمعنى الاستعاذة، والكسر والفتح لغتان وقرئ بهما، وقرئ الضم وهو لغة فيه وهو من حجره إذا منعه وقد ذكر سيبويه في باب المصادر المنصوبة بأفعال متروك إظهارها، هذه الكلمة، وجعلها من جملتها، وبه قال السمين، والبيضاوي. والحجر: العقل، لأنه يمنع صاحبه، ومحجوراً صفة مؤكدة للمعنى، كقولهم ذيل ذائل وموت مائت.