للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإسحق: إن أجله شهران، وقال الشعبي: إيلاء الأمة نصف إيلاء الحرة، والتربص التأني والتأخر.

وإنما وقت الله سبحانه بهذه المدة دفعاً للضرار عن الزوجة، وقد كان أهل الجاهلية يؤلون السنة والسنتين وأكثر من ذلك يقصدون بذلك ضرار النساء، وقد قيل إن الأربعة الأشهر هي التي لا تطيق المرأة الصبر عن زوجها زيادة عليها (١).

(فإن فَاءُوا) أي رجعوا فيها أو بعدها عن اليمين إلى الوطء، ومنه (حتى تفيء إلى أمر الله) أي ترجع، ومنه قيل للظل بعد الزوال (فيء) لأنه رجع عن جانب المشرق إلى جانب المغرب، يقال فاء يفيء فيئة وفيئاً، وأنه سريع الفيئة أي الرجعة، وللسلف في الفيء أقوال مختلفة فينبغي الرجوع إلى معنى الفيء وقد بيناه.

قال ابن المنذر: وأجمع كل من يحفظ عنه العلم على أن الفيء الجماع لمن لا عذر له، فإن كان له عذر مرض أو سجن فهي امرأته، فإذا زال العذر فأبى الوطء فرّق بينهما إن كانت المدة قد انقضت، قاله مالك.

وقالت طائفة: إذا أشهد على فيئه بقلبه في حال العذر أجزأه، وبه قال الحسن وعكرمة والنخعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل.

وقد أوجب الجمهور على المولى إذا فاء بجماع امرأته الكفارة، وقال الحسن والنخعي: لا كفارة عليه، وللصحابة والتابعين في هذا أقوال مختلفة متناقضة، والمتعيّن الرجوع إلى ما في الآية الكريمة وهو ما عرّفناك واشدد عليه يديك (فإن الله غفور) للزوج إذا تاب من إضراره بامرأته (رحيم) لكل التائبين.


(١) القرطبي ٣/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>