للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتابعين أن عدة المختلعة كعدة الطلاق وبه قال الجمهور، قال الترمذي: وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم، واستدلوا على ذلك بأن المختلعة من جملة المطلقات فهي داخلة تحت عموم القرآن.

والحق ما ذكرناه لأن ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخصص عموم القرآن.

وقد حكي عن بكر بن عبد الله المزني أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى في سورة النساء (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً) وهو قول خارج عن الإجماع ولا تنافي بين الآيتين.

وقد اختلف أهل العلم إذا طلب الزوج من المرأة زيادة على ما دفعه إليها من المهر وما يتبعه ورضيت بذلك المرأة هل يجوز أم لا، وظاهر القرآن الجواز لعدم تقييده بمقدار معين، وبهذا قال مالك والشافعي وأبو ثور، وروي مثل ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين، وقال طاوس وعطاء والأوزاعي وأحمد وإسحق: إنه لا يجوز لما ورد في ذلك عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.

(تلك حدود الله فلا تعتدوها) يعني هذه أوامر الله ونواهيه وهي ما تقدم من الأحكام فلا تجاوزوها بالمخالفة والرفض. (ومن يتعد حدود الله) أي أحكام النكاح والفراق المذكورة هي حدود الله التي أمرتم بامتثالها فلا تعتدوها بالمخالفة لها فتستحقوا ما ذكره الله من التسجيل على فاعل ذلك بأنه ظالم، (فأولئك هم الظالمون) أي لأنفسهم بتعريضها لسخط الله وعقابه، وفيه وفيما قبله الإظهار في مقام الإضمار لتربية المهابة وإدخال الروع في ذهن السامع وذكر هذا الوعيد بعد النهى عن تعديها للمبالغة في التهديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>