(قالت نملة)(١) ملكة النمل، على وجه النصيحة قولاً مشتملاً على حروف وأصوات، وكانت عرجاء ذات جناحين، وهي من الحيوانات التي تدخل الجنة، قاله سليمان الجمل. قيل: وكانت أنثى بدليل تأنيث الفعل المسند إليها، وبه قال أبو حنيفة، ورد هذا أبو حيان فقال: لحاق التاء في (قالت) لا يدل على أن النملة مؤنثة، بل يصح أن يقال في المذكر قالت، لأن نملة وإن كانت بالتاء فإنها مما لا يتميز فيه المذكر من المؤنث، بتذكير الفعل ولا بتأنيثه، بل يتميز بالإخبار عنه بأنه ذكر أو أنثى، ولا يتعلق بمثل هذا كثير فائدة، ولا بالتعرض لاسم النملة، ولا بذكر القصص الموضوعة والأحاديث المكذوبة.
وقرئ النمل والنملة بزنة رجل وسمرة، وقرئ بضمتين فيهما، ثم قيل: نمل هذا الوادي صغار، وهو النمل المعروف، أو كبار كالبخاتي أو كالذئاب، والأول هو المشهور والجملة جواب (إذا) كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت ونبهت سائر النمل منادية لها قائلة:
(يا أيها النمل) وقد اشتمل هذا القول منها على أحد عشر نوعاً من البلاغة:
أولها: النداء بـ (يا).
وثانيها: أنها كنت بأي.
وثالثها: نبهت بها التنبيه.
ورابعها: سمعت بقولها النمل.
وخامسها: أمرت بقولها: (ادخلوا).
وسادسها: نصت بقولها (مساكنكم) جعل خطاب النمل كخطاب
(١) لا نملك إلا أن نقول كما قال المصنف عن مثل هذا الكلام الذي هو " بلا إسناد صحيح متصل يعتمد عليه ويصار إليه " وسيأتي للمصنف مزيد. المطيعي.