الشكر منه لله سبحانه. قال أهل الكتاب: وأمه هي زوجة أوريا بوزن قوتلا، التي امتحن الله بها داود، قاله القرطبي، والله أعلم بصحته، ثم طلب أن يضيف الله له لواحق نعمه إلى سوابقها، ولا سيما النعم الدينية فقال:
(وأن أعمل صالحاً) في بقية عمري (ترضاه) مني، ثم دعا أن يجعله الله سبحانه في الآخرة داخلاً في زمرة الصالحين، فإن ذلك هو الغاية التي يتعلق بها الطلب فقال:(وأدخلني) الجنة (برحمتك في عبادك الصالحين) من النبيين أو صلحاء العباد، والمعنى أدخلني في جملتهم، وأثبت اسمي في أسمائهم واحشرني في زمرتهم إلى دار الصالحين وهي الجنة، أو في بمعنى مع، والصالح الكامل هو الذي لا يعصي الله، ولا يفعل معصية، ولا يهم بها، وهذه درجة عالية.
اللهم وإني أدعوك بما دعاك به هذا النبي الكريم. فتقبل ذلك مني وتفضل علي به، فإني وإن كنت مقصراً في العمل، ففضلك الواسع هو سبب الفوز بالخير، ورحمتك أرجى عندي من عملي، فهذه الآية منادية بأعلى صوت، وأوضح بيان بأن دخول الجنة التي هي دار المتقين بالتفضل منك لا بالعمل منهم، كما قال رسولك الصادق المصدوق، فيما ثبت عنه في الصحيح:" سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله "، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:" ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته " فإذا لم يكن إلا بفضلك الواسع فترك طلبه منك عجز، والتفريط في التوسل إليك بالإيصال إليه تضييع.
ثم شرع سبحانه في ذكر قصة بلقيس وما جرى بينها وبين سليمان وذلك بدلالة الهدهد فقال: