قوله لا تواعدوهن أي مواعدة مّا قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة شرعاً، وهي ما يكون بطريق التعريض والتلويح، فجعله على هذا استثناء متصلاً مفرغاً.
ووجه كونه منقطعاً أنه يؤدي إلى جعل التعريض موعوداً وليس كذلك لأن التعريض طريق المواعدة لا أنه الموعود في نفسه، وعن ابن عباس قال: التعريض أن يقول أني أريد التزويج وإني لأحب المرأة من أمرها وإن من شأني النساء ولوددت أن الله يسر لي امرأة صالحة رواه البخاري وجماعة.
(قولاً معروفاً) أي تعريضاً، وقال ابن عباس: هو قوله إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك، أو يقول إنك لجميلة وإنك إلى خير وإن النساء من حاجتي.
(ولا تعزموا عقدة النكاح) قد تقدم الكلام في معنى العزم يقال عزم الشيء وعزم عليه والمعنى هنا لا تعزموا على عقدة النكاح في العدة لأن العزم عليه بعدها لا بأس به ثم حذف على، قال سيبويه: والحذف في هذه الآية لا يقاس عليه.
قال النحاس: يجوز أن يكون المعنى ولا تعقدوا عقدة النكاح لأن معنى تعزموا وتعقدوا واحد قيل: إن العزم على الفعل يتقدمه فيكون في هذا النهي مبالغة لأنه إذا نهى عن المتقدم على الشيء كان النهي عن ذلك الشيء بالأولى.
(حتى) غاية للنهي (يبلغ الكتاب أجله) أي تنقضي العدة، والكتاب هنا هو الحد والقدر الذي رسم من المدة سماه كتاباً لكونه محدوداً ومفروضاً كقوله تعالى (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) وهذا الحكم أعني تحريم عقد النكاح في العدة مجمع عليه، والمراد بالأجل آخر مدة العدة.
(واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم) من العزم على ما لا يجوز (فاحذروه) أي عقابه إذا عزمتم على عقدة النكاح في العدة وألا تعزموا عليه، فإن العزم على المعصية معصية (واعلموا أن الله غفور حليم) لا يعاجلكم بالعقوبة على الجهر بالمعصية بل يسترها.