(وأنزل لكم من السماء ماء) أي نوعاً مد، الماء وهو المطر (فأنبتنا به حدائق) جمع حديقة، قال الفراء: الحديقة البستان الذي عليه حائط، فإن لم يكن عليه حائط فهو البستان، وليس بحديقة. وقال قتادة وعكرمة: الحدائق النخل.
(ذات بهجة) أي ذات منظر حسن، ورونق، والبهجة هي الحسن الذي يبتهج به من رآه ولم يقل ذوات بهجة على الجمع، لأن المعنى جماعة حدائق، وصرف الكلام عن الغيبة إلى التكلم تأكيداً لمعنى اختصاص الفعل بذاته، وإيذاناً بأن إنبات الحدائق المختلفة الأصناف والألوان والطعوم والأشكال، مع سقيها بماء واحد لا يقدر عليه إلا هو وحده، ثم رشح معنى الاختصاص بقوله:
(ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) فضلاً عن ثمارها وسائر صفاتها البديعة، ومعنى هذا النفي الحظر والمنع من فعل هذا أي ما يصح للبشر، ولا يتهيأ لهم ذلك، ولا يدخل تحت مقدورهم، لعجزهم عن إخراج الشيء من العدم إلى الوجود، وأن تأتي ذلك محال من غيره، ثم قال سبحانه موبخاً لهم ومقرعاً:
(أإله) أي: هل معبود (مع الله)؟ الذي تقدم ذكر بعض أفعاله حتى يقرن به، ويجعل شريكاً له في العبادة، وقرئ إلهاً أي: أتدعون إلهاً مع الله؟ والاستفهام للإنكار أي ليس معه إله، وكذا يقال في المواضع الأربعة الآتية، ثم أضرب عن توبيخهم وتقريعهم بما تقدم، وانتقل إلى بيان سوء حالهم مع الالتفات من الخطاب إلى الغيبة فقال:
(بل هم قوم يعدلون) بالله غيره، أو يعدلون عن الحق إلى الباطل، و (بل هم) بعد الخطاب أبلغ في تخطئة رأيهم ثم شرع في الاستدلال بأحوال الأرض وما عليها فقال: