له لما جاءته فقيل قالت الخ (ليجزيك أجر ما سقيت لنا) أي جزاء سقيك لنا، فأجابها منكراً في نفسه أخذ الأجرة، وقيل أجاب لوجه الله، أو للتبرك برؤية الشيخ، لما سمع منهما أن أباهما شيخ كبير.
(فلما جاءه) أي جاء موسى شعيباً، عن أبي حازم قال: لما دخل موسى على شعيب إذا هو بالعشاء فقال له شعيب كل قال موسى أعوذ بالله؛ قال ولم ألست بجائع؟ قال بلى ولكن أخاف أن يكون هذا عوضاً عما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبيع شيئاًً من عمل الآخرة بملء الأرض ذهباً، قال: لا والله ولكنها عادتي. وعادة آبائي. نقري الضيف ونطعم الطعام، فجلس موسى فأكل.
(وقص عليه القصص) مصدر يسمى به المفعول أي المقصوص، يعني أخبره بجميع ما اتفق له من عند قتله القبطي إلى عند وصوله إلى ماء مدين، وعن مالك ابن أنس: أنه بلغه أن شعيباً هو الذي قص عليه القصص.
(قال) شعيب: (لا تخف نجوت من القوم الظالمين) أي فرعون وأصحابه لأن فرعون لا سلطان له على مدين، وفيه دليل على جواز العمل بخبر الواحد ولو عبداً أو أنثى، وعلى المشي مع الأجنبية مع ذلك الاحتياط والتورع وللرازي في هذا الموضع إشكالات باردة جداً لا تستحق أن تذكر في تفسير كلام الله عز وجل، والجواب عليها يظهر للمقصر فضلاً عن الكامل؛ وأسف ما جاء به أن موسى كيف أجاب الدعوة المعللة بالجزاء لما فعله من السقي، ويجاب عنه بأنه اتبع سنة الله في إجابة دعوة نبي من أنبياء الله، ولم تكن تلك الإجابة لأجل أخذ الأجر على هذا العمل، ولهذا ورد أنه لما قدم إليه الطعام قال: إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهباً كما مر، وفي الكشاف أن طلب الأجرة لشدة الفاقة غير منكر، ويشهد لصحته لو شئت لاتخذت عليه أجراً.