ذلك مما وقع في أيام الصحابة وأيام النبوة، وكذلك ما وقع من عرض المرأة لنفسها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قيل: زوجه الكبرى، وقال الأكثرون: إنه زوجه الصغرى منهما واسمها صفورا، وهي التي ذهبت في طلب موسى و (هاتين) يدل على أنه كان له غيرهما وقد قال البقاعي: إن له سبع بنات كما في التوراة، وهذه مواعدة منه، ولم يكن ذلك عند نكاح إذ لو كان عنداً لقال: قد أنكحتك.
(على أن تأجرني ثماني حجج) جمع حجة وهي السنة قال الفراء: يقال: على أن تجعل ثوابي أن ترعى غنمي ثماني سنين. قال المبرد: يقال أجرت داري ومملوكي غير ممدود، وممدوداً والأول أكثر، والتزوج على رعي الغنم جائز بالإجماع لأنه من باب القيام بأمر الزوجية فلا مناقضة بخلاف التزوج على الخدمة.
(فإن أتممت) ما استأجرتك عليه من الرعي (عشراً) من السنين (فمن عندك) أي تفضلاً منك وتبرعاً، لا إلزاماً مني لك وليس بواجب عليك، جعل ما زاد على الثمانية الأعوام إلى تمام عشرة أعوام، موكولاً إلى المروءة أي فهي من عندك، والظاهر أنه استدعاء عند بالأجل الأول نظراً إلى شرعنا، ويمكن كونه عقداً صحيحاً عندهم قاله الكرخي.
(وما أريد أن أشق عليك) بإلزامك إتمام العشرة الأعوام، ولا بالمناقشة في مراعاة الأوقات، واستيفاء الأعمال، واشتقاق المشقة من الشق أي شق ظنه نصفين، فتارة يقول: أطيق وتارة يقول: لا أطيق، ثم رغبة في قبول الإجازة فقال (ستجدني إن شاء الله من الصالحين) في حسن الصحبة ولطف المعاملة ولين الجانب، والوفاء بالعهد، وقيل أراد الصلاح على العموم فيدخل صلاح المعاملة في تلك الإجازة تحت الآية دخولاً أولياً، وقيد ذلك بالمشيئة تفويضاً للأمر إلى توفيق الله ومعونته، وللتبرك به لا تعليق صلاحه بمشيئته تعالى.