للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقاتلة والمسايفة في وقت الحرب.

وصلاة الخوف قسمان (أحدهما) أن يكون في حال القتال وهو المراد بهذه الآية، وقسم في غير حال القتال وهو المذكور في سورة النساء في قوله (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) وسيأتي الكلام عليه في موضعه (١).

وفي إيراد هذه الشرطية بكلمة " إن " المنبئة عن عدم تحقق وقوع الخوف وقلته، وفي إيراد الشرطية الثانية بكلمة " إذا " المنبئة عن تحقق وقوع الأمن وكثرته مع الإيجاز في جواب الأولى، والإطناب في " جواب " الثانية من الجزالة ولطف الاعتبار ما فيه عبرة لأولى الأبصار.

(فإذا أمنتم) أي إذا زال خوفكم بعد وجوده أو لم يكن أصلاً فارجعوا إلى ما أمرتم به إتمام الصلاة مستقبلين القبلة، قائمين بجميع شروطها وأركانها وهو قوله (فاذكروا الله) وقيل معنى الآية خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة وهو خلاف معنى الآية (كما علمكم) أي ذكراً مثل ما علمكم من الشرائع أن يصلي الراكب على دابته، والراجل على رجليه، والكاف صفة لمصدر محذوف


(١) روى الكلبى عن أبي صالح عن ابن عباس وجابر رضي الله عنهم أن المشركين لمّا رأوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قامُوا إلى الظهر يُصلون جميعاً ندموا إلا كانوا أكبُوا عليهم، فقال بعضهم لبعض: دعوهم فإن لهم بعدها صلاة هي أحب اليهم من آبائهم وأبنائهم يعني صلاة العصر، فإذا قاموا فيها فشدوا عليهم فاقتلوهم، فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إنها صلاة الخوف وإن الله عزّ وجل يقول: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) فعلّمه صلاة الخوف.
وعن جابر قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فصفنا صفين خلفه. والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم فكبرنا جميعاً ثم ركعنا وركعنا جميعاً ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف الآخر في نحر العدو.
فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصنف المقدم ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعاً ثم رفع رأسه ورفعنا جميعاً ثم انحدر بالسجود والصف الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود بالصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعاً ".
رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة والبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>