أن الحامل على إرسال الرسل إليهم هو إزاحة عللهم، فهو كقوله سبحانه (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) وقدره ابن عطية لعاجلناهم بالعقوبة ووافقه على هذا التقدير الواحدي، فقال: والمعنى لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة بكفرهم، قال السمين ولا معنى لهذا (فيقولوا) الفاء للسببية (ربنا لو أرسلت إلينا رسولاً)(لولا) هذه هي التحضيضية، أي: هلا أرسلت رسولاً من عندك وجوابها قوله (فنتبع آياتك) فلذلك نصب بإضمار أن.
أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهالك في الفترة يقول: رب لم يأتني كتاب ولا رسول ثم قرأ هذه الآية والمراد بالآيات: الآيات التنزيلية الظاهرة الواضحة. وإنما عطف القول على (تصيبهم) لكونه هو السبب للإرسال، ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول، وكان وجوده بوجودها، جعلت العقوبة كأنها هي السبب للإرسال بواسطة القول، قاله في الكشاف، وأطال سليمان الجمل في بيان ذلك وذكر عبارة السمين، والشهاب، وغيرهما.
وقال أبو السعود: لولا قولهم هذا عند إصابة العقوبة لهم، بسبب جناياتهم، ما أرسلناك، ولكن لما كان قولهم ذلك محققاً لا محيد عنه، أرسلناك قطعاً لمعاذيرهم بالكلية (ونكون من المؤمنين) بهذه الآيات، ومعنى الآية أنا لو عذبناهم لقالوا طال العهد بالرسل، ولم يرسل الله إلينا رسولاً ويظنون أن ذلك عذر لهم، ولا عذر لهم بعد أن بلغتهم أخبار الرسل، ولكنا أكملنا الحجة وأزحنا العلة، وأتممنا البيان بإرسالك يا محمد إليهم.