وقد اختلف في مقدار عمر نوح عليه السلام، وليس في الآية إلا أنه لبث فيهم هذه المدة، وهي لا تدل على أنها جميع عمره، فقد تلبث في غيرهم قبل اللبث فيهم، وقد تلبث في الأرض من بعد هلاكهم بالطوفان، فقال ابن عباس: بعث الله نوحاً وهو ابن أربعين سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس، وفشوا.
وعن عكرمة قال: كان عمر نوح قبل أن يبعث إلى قومه، وبعد ما بعث ألفا وسبعمائة سنة، وعن عوف بن شداد قال: إن الله أرسل نوحاً إلى قومه وهو ابن خمسين سنة وثلثمائة سنة فلبث فيهم ألفاً إلا خمسين عاماً، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلثمائة سنة، وقال أبو السعود: عاش نوح بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة فكان عمره ألفاً ومائتين سنة وأربعين وعن أنس ابن مالك قال: جاء ملك الموت إلى نوح فقال: يا أطول النبيين عمراً كيف وجدت الدنيا ولذتها؟ قال كرجل دخل بيتاً له بابان فقال (١) في وسط البيت هنية ثم خرج من الباب الآخر.
(فأخذهم الطوفان) أي الماء الكثير، طاف بهم وعلاهم فغرقوا، وارتفع على أعلى جبل أربعين ذراعاً، وقيل: خمسة عشر حتى غرق كل شيء غير من في السفينة والفاء للتعقيب، أي أخذهم عقب تمام المدة المذكورة، والطوفان يقال لكل شيء كثير، مطيف بجمع: محيط بهم، من مطر أو قتل أو موت، قاله النحاس. وقال سعيد بن جبير، وقتادة والسدي: هو المطر، وقال الضحاك: الغرق، وقيل: الموت، قال الشهاب: ولكنه غلب في الماء كما هو المراد هنا.
(وهم ظالمون) أي مستمرون على الظلم والشرك ولم ينجع فيهم ما وعظهم به نوح وذكرهم هذه المدة بطولها.
(١) قال بمعنى القيلولة، وهي النوم في الظهيرة، تقول: قال يقيلُ قيلولةً معجم الصحاح للجوهري، باب اللام، فصل القاف، ٥/ ١٨٠٨، طبعة دار العلم للملايين، بيروت.