للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الترجيح، وكان من أعلم بني إسرائيل وقيل هو العلم بالحرب وبالملك، وقيل به وبالديانات (والجسم) الذي يظهر به الأثر في الحروب ونحوها فكان قوياً في دينه وبدنه، وذلك هو المعتبر لأشرف النسب، فإن فضائل النفس مقدمة عليه (١).

وفي هذه الآية دليل على بطلان قول من زعم من الشيعة أن الأمامة موروثة، وكان طالوت أطول من الناس برأسه ومنكبيه، وقيل بالجمال وكان من أجملهم، وقيل المراد به القوة لأن العلم بالحروب والقوة على الأعداء مما فيه حفظ المملكة.

(والله يؤتي ملكه من يشاء) فالملك ملكه والعبيد عبيده، فما لكم والأعتراض على شيء ليس هو لكم ولا أمره إليكم.

وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن قوله هذا من قول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل هو من قول نبيهم وهو الظاهر، وقيل من كلام الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - (والله واسع) أي واسع الفضل يوسع على من يشاء من عباده (عليم) بمن يستحق الملك ويصلح له.


(١) قال ابن عباس: كان طالوت أعلم بني إسرائيل بالحرب، وكان يفوق الناس بمنكبيه وعنقه ورأسه.
وهل كانت هذه الزيادة قبل الملك، أم أحدثت له بعد الملك؟ فيه قولان. أحدهما: قبل الملك، قاله وهب، والسدي. والثاني: بعد الملك، قاله ابن زيد. والمراد بتعظيم الجسم، فضل القوة، إذ العادة أن من كان أعظم جسماً، كان أكثر قوة والواسع: الغني.
ذكر أهل التفسير أن نبي بني إسرائيل سأل الله أن يبعث لهم ملكاً، فأتى بعصا وقرن فيه دهن، وقيل له: إن صاحبكم الذي يكون ملكاً يكون طوله طول هذه العصا، ومتى دخل عليك رجل، فنشق الدهن، فهو الملك، فادهن به رأسه، وملكه على بني إسرائيل، فقاس القوم أنفسهم بالعصا، فلم يكونوا على مقدارها. قال عكرمة، والسدي: كان طالوت سقاءً يسقي على حمار له، فضلّ حماره، فخرج يطلبه. وقال وهب: بل كان دباغاً يعمل الأدم، فضلت خمرٌ لأبيه، فأرسل مع غلام له في طلبها، فمر ببيت شمويل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخلا ليسألاه عن ضالتهما، فنشق الدهن، فقام شمويل، فقاس طالوت بالعصا، وكان على مقدارها، فدهنه، ثم قال له: أنت ملك بني إسرائيل، فقال طالوت: أما علمت أن وسطي أدنى أسباط بني إسرائيل، وبيتي أدنى بيوتهم؟ قال: بلى. قال: فبأية آية؟ قال: بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره، فكان كما قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>