للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأقول هذه التفاسير المتناقضة لعلها وصلت إلى هؤلاء الأعلام من جهة اليهود أقمأَهم الله فجاؤا بهذه الأمور لقصد التلاعب بالمسلمين والتشكيك عليهم، وانظر إلى جعلهم لها تارة حيواناً وتارة جماداً وتارة شيئاً لا يعقل وهكذا كل منقول عن بني اسرائيل يتناقض ويشتمل على ما لا يعقل في الغالب ولا يصح أن يكون مثل هذه التفاسير التناقضة مروياً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا رأياً رآه قائله، فهم أجلّ قدراً عن التفسير بالرأي وبما لا مجال للاجتهاد فيه (١).

إذا تقرر لك هذا عرفت أن الواجب الرجوع في مثل ذلك إلى معنى السكينة لغة وهو معروف ولا حاجة إلى ركوب هذه الأمور المتعسفة المتناقضة فقد جعل الله عنها سعة، ولو ثبت لنا في السكينة تفسير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجب علينا المصير إليه والقول به، ولكنه لم يثبت من وجه صحيح بل ثبت أنها تنزلت على بعض الصحابة عند تلاوته للقرآن كما في صحيح مسلم عن البراء قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط فتغشته سحابة فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر منها فلما أصبح أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال: تلك السكينة نزلت للقرآن (٢).

وليس في هذا إلا أن هذه التي سماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكينة سحابة دارت على ذلك القارىء فالله أعلم.

وعن أبي صالح قال: كان في التابوت عصا موسى وعصا هرون وثياب موسى وثياب هرون ولوحان من التوراة والمن، وكلمة الفرج " لا إله إلا الله


(١) وقد ذكر الشوكاني رحمه الله في تفسيره - عبارة " وأقول هذه التفاسير .... " فلا أدري هل نسي المؤلف رحمه الله نسبتها للشوكاني أم قد سقطت في الطبع ".
(٢) قال ابن جرير الطبري: فأولى هذه الأقوال بالحق في معنى السكينة ما قاله عطاء بن أبي رباح أنها الشيء تسكن إليه النفوس من الآيات التي يعرفونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>