(فطرة الله التي فطر الناس عليها) الفطرة في الأصل الخلقة، والمراد بها هنا الملة وهي الإسلام والتوحيد. قال الواحدي: هذا قول المفسرين في الفطرة وقيل: المراد بها قابلية الدين والتهيوء له، وترسم الفطرت بالتاء المجرورة، وليس في القرآن غيرها، والمراد بالناس هنا الذين فطرهم الله على الإسلام، لأن المشرك لم يفطر على الإسلام، وهذا الخطاب وإن كان خاصاً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمته داخلة معه فيه. قال القرطبي: باتفاق من أهل التأويل، والأولى حمل الناس على العموم من غير فرق بين مسلمهم وكافرهم، وأنهم جميعاً مفطورون على ذلك لولا عوارض تعرض لهم، فيبقون بسببها على الكفر، كما في حديث أبي هريرة الثابت في الصحيح قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة " وفي رواية: على هذه الملة، ولكن أبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه: كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء. هل تحسون فيها من جدعاء؟ ثم يقول أبو هريرة: واقرأوا إن شئتم (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) وفي رواية: حتى تكونوا أنتم تجدعونها.
أخرج أحمد والنسائي، والحاكم، وصححه، وغيرهم، عن أسود بن سريع: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية إلى خيبر فقاتلوا المشركين فانتهى القتل إلى الذرية. فلما جاءوا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما حملكم على قتل الذرية؟ قالوا: يا رسول الله إنما كانوا أولاد المشركين، قال: وهل خياركم إلا أولاد المشركين؟ والذي نفسي بيده، ما من نسمة تولد إلا على الفطرة، حتى يُعْرِبَ عنها لسانها ".
وأخرج أحمد من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كل مولود يولد على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه، فإذا عبر عنه لسانه، إما شاكراً وإما كفوراً "
وروى الإمام أحمد في المسند عن عياش بن حماد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -