والهجر، والوصال ومعاقرة العقار، وخلع العذار، والوقار، فإن سامع ما كان كذلك لا يخلو عن بلية، وإن من التصلب في ذات الله على حد يقصر عنه الوصف، وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطلول، وأسير بهموم غرامه وهيامه مكبول، نسأل الله السداد والثبات.
قلت: وقد جمع الشوكاني رسالة مشتملة على أقوال أهل العلم في الغناء، وما استدل المحللون له والمحرمون له، وحقق هذا المقام بما لا يحتاج من نظر فيها، وتدبر معانيها، إلى النظر في غيرها، وسماها إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع. ولنا أيضاًً بحمد الله عز وجل جواب بسيط في جواز الغناء، وعدم جوازه بالفارسية، ذكرناه في كتابنا هداية السائل، فمن أحب تحقيق المقام كما ينبغي فليرجع إلى ذلك.
(بغير علم) أي حال كونه غير عالم بحال ما يشتريه، أو بحال ما ينفع من التجارة وما يضر، فلهذا استبدل بالخير ما هو شر محض، أو يفعله عن جهل، أو جهلاً منه بما عليه من الوزر، ونحوه قوله تعالى:(فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين) أي: لصواب التجارة.
(ويتخذها) قرأ حمزة والكسائي والأعمش بالنصب، عطفاً على يضل، والضمير المنصوب راجع إلى السبيل، فيكون المعنى على هذه القراءة من جملة التعليل للتحريم؛ والمعنى: أنه يشتري لهو الحديث للإضلال عن سبيل الله، واتخاذ السبيل (هزوا) أي: مهزواً به. والسبيل يذكر ويؤنث. وقرأ الجمهور بالرفع عطفاً على يشتري، فهو من جملة الصلة؛ وقيل: الرفع على الاستئناف، والضمير المنصوب يعود إلى الآيات المتقدم ذكرها، والأول أولى (أولئك) إشارة إلى (من) والجمع باعتبار معناها، كما أن الإفراد في الفعلين باعتبار لفظها كما تقدم (لهم عذاب مهين) هو الشديد الذي يصير به من وقع عليه مهيناً.