للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيسى كمثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له كن فيكون وهو عبد الله وكلمته وروحه وآتى داود زبوراً وآتى سليمان ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد من بعده وغفر لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

قال الخازن: أجمعت الأمة على أن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - أفضل الأنبياء لعموم رسالته وهو قوله (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً).

وقد استشكل جماعة من أهل العلم الجمع بين هذه الآية وبين ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " لا تفضلوني على الأنبياء " وفي لفظ آخر: " لا تفضلوا بين الأنبياء " (١)، وفي لفظ: " لا تخيروا بين الأنبياء " فقال قوم إن هذا القول منه - صلى الله عليه وسلم - كان قبل أن يوحى إليه بالتفضيل، وأن القرآن ناسخ للمنع من التفضيل، وقيل إنه قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك على سبيل التواضع كما قال: لا يقل أحدكم أنا خير من يونس بن متى (٢)، تواضعاً مع علمه أنه أفضل الأنبياء كما يدل عليه قوله: " أنا سيد ولد آدم ".

وقيل إنما نهى عن ذلك قطعاً للجدال والخصام في الأنبياء فيكون مخصوصاً بمثل ذلك لا إذا كان صدور ذلك مأموناً.

وقيل إن النهي هو من جهة النبوة فقط لأنها خصلة واحدة لا تفاضل فيها ولا نهي عن التفاضل بزيادة الخصوصيات والكرامات.

وقيل إن المراد النهي عن التفضيل بمجرد الأهواء والعصبية، وفي جميع هذه الأقوال ضعف.


(١) روى مسلم في صحيحه ٢٣٧٤.
(٢) رواه مسلم في صحيحه ٢٣٧٦ برواية أنه قال -يعني الله عز وجل- لا ينبغي لعبدي أن يقول أنا خير من يونس بن متى عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>