تقديره: ولو ثبت البحر حال كونه تمده من بعده سبعة أبحر، وقرئ. يمده من أمد، وقرئ: والبحر مداده، وجواب لو:
(ما نفدت كلمات الله) التي هي عبارة عن معلوماته، لأنها لا نهاية لها، قال أبو علي الفارسي: المراد بالكلمات -والله أعلم- ما في المقدور والإمكان، دون ما خرج منه إلى الوجود والزمان، ووافقه القفال، فقال: المعنى: إن الأشجار لو كانت أقلاما، والبحار مداداً، فكتب بها عجائب صنع الله تعالى، الدالة على قدرته ووحدانيته، لم تنفد تلك العجائب. قال القشيري: رد القفال معنى الكلمات إلى المقدورات، وحمل الآية على الكلام القديم أولى، والمخلوق لا بد له من نهاية، وإذا نفيت النهاية فهي نفي للنهاية عما يقدر في المستقبل على إيجاده، فأما ما حصره الوجود وعده فلا بد من تناهيه، والقديم لا نهاية له على التحقيق.
قال النحاس: قد تبين أن الكلمات هاهنا يراد بها العلم وحقائق الأشياء، لأنه جل وعلا علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السماوات والأرض من شيء، وعلم ما فيه من مثاقيل الذر، وعلم الأجناس كلها، وما فيها من شعرة وعضو، وما في الشجرة من ورق، وما فيها من ضروب الخلق. وقيل: إن قريشاً قالت: ما أكثر كلام محمد؟ فنزلت قاله السدي.
وعن ابن مسعود قال: إن أحبار اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة: " يا محمد أرأيت قولك: وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً، إيانا تريد؟ أم قومك؟ " فقال: كلا، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء؟ فقال:" إنها في علم الله قليل، وأنزل الله ولو أن ما في الأرض الآية " أخرجه ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم. قال أبو عبيدة: المراد بالبحر هنا: الماء العذب الذي ينبت الأقلام، وأما المالح فلا ينبتها، قال الشوكاني: ما أسقط هذا الكلام وأقل جدواه (إن الله عزيز حكيم) أي: غالب لا يعجزه شىء ولا يخرج عن حكمته وعلمه فرد من أفراد مخلوقاته.