(يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) الضميران لما في السموات والأرض بتغليب العقلاء على غيرهم، وما بين أيديهم وما خلفهم عبارة عن المتقدم عليهم والمتأخر عنهم، أو عن الدنيا والآخرة وما فيهما، وقال مجاهد: ما مضى من الدنيا وما خلفهم من الآخرة. وعن ابن عباس: ما قدّموا من أعمالهم وما أضاعوا من أعمالهم.
والمقصود أنه عالم بجميع المعلومات لا يخفى عليه شيء من أحوال جميع خلقه. حتى يعلم دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء، على الصخرة الصماء، تحت الأرض الغبراء، وحركة الذرة في جو السماء، والطير في الهواء، والسمك في الماء.
وفيه رد على من ينفي عنه سبحانه علم الجزئيات كالفلاسفة وهي أي صفة العلم له سبحانه إمام أئمة الصفات فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
(ولا يحيطون بشيء من علمه) قد تقدم معنى الإحاطة، والعلم هنا بمعنى المعلوم أي لا يحيطون بشيء من معلوماته (إلا بما شاء) أن يطلعهم عليه بأخبار الأنبياء والرسل ليكون دليلاً على نبوتهم؛ وليس ذلك إليهم بل إليه.
(وسع كرسيه) ويقال فلان يسع الشيء سعة إذا احتمله وأمكنه القيام به، وأصل الكرسي في اللغة مأخوذ من تركب الشيء بعضه على بعض، ومنه الكراسة لتركب بعض أوراقها على بعض، وفي العرف ما يجلس عليه، والكرسي هنا الظاهر أنه الجسم الذي وردت الآثار بصفته كما سيأتي بيان ذلك.