وافقه على الإنكار لهذه القراءة أبو حاتم فقال: أن قرن بفتح القاف لا مذهب له في كلام العرب قال النحاس: قد خولف أبو حاتم في قوله إنه لا مذهب له في كلام العرب بل فيه مذهبان أحدهما حكاه الكسائي والآخر عن علي بن سليمان، فأما المذهب الذي حكاه الكسائي فهو ما قدمناه من رواية أبي عبيدة عنه وأما المذهب الذي حكاه علي بن سليمان فقال: إنه من قررت به عيناً أقر، وقيل المعنى وأقررن به عيناً في بيوتكن.
قال النحاس: وهو وجه حسن، وأقول ليس بحسن ولا هو معنى الآية، فإن المراد بها أمرهن بالسكون والاستقرار في بيوتهن، وليس من قرة العين أي الزمن بيوتكن، عن محمد بن سيرين قال: نبئت أنه قيل لسودة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - " مالك لا تحجين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك "؟ فقالت " قد حججت واعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي، فوالله لا أخرج من بيتي حتى أموت " قال: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها ".
(ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) التبرج أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها ما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل، وقد تقدم معنى التبرج في سورة النور، قال المبرد هو مأخوذ من السعة؛ يقال في أسنانه برج إذا كانت متفرقة، والمعنى إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال. وقيل التبرج هو التغنج والتبختر، والتكسر في المشي، وهذا ضعيف جداً، والأول أولى.
وقد اختلف في المراد بالجاهلية الأولى فقيل ما بين آدم ونوح أو زمن داود وسليمان. وقيل ما بين نوح وإدريس قاله ابن عباس، وكانت ألف سنة وقيل: ما بين نوح وإبراهيم. وقيل ما بين موسى وعيسى أو ما بين عيسى ومحمد قاله ابن عباس. وقيل ما قبل الإسلام والجاهلية الأخرى قوم يفعلون