فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ)(وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ)(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله:(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة فقال: الصلاة الصلاة إنما يريد الله الآية وفي إسناده أبو داود الأعمى وهو وضاع كذاب، وفي الباب أحاديث وآثار، وقد ذكرنا ههنا ما يصلح للتمسك دون ما لا يصلح، وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين فجعلت هذه الآية شاملة للزوجات ولعلي وفاطمة والحسن والحسين، أما الزوجات فلكَونهن المرادات في سياق هذه الآيات كما قدمنا، ولكونهنَ الساكنات في بيوته (- صلى الله عليه وسلم -) النازلات في منازله، ويعضد ذلك ما تقدم عن ابن عباس وغيره، وأما دخول علي وفاطمة والحسن والحسين فلكونهم قرابته وأهل بيته في النسب، ويؤيد ذلك ما ذكرناه من الأحاديث المصرحة بأنهم سبب النزول، فمن جعل الآية خاصة بأحد الفريقين أعمل بعض ما يجب إعماله وأهمل ما لا يجوز إهماله، وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين منهم القرطبي وابن كثير وغيرهما.
وقال جماعة: هم بنو هاشم واستدلوا بما تقدم من حديث ابن عباس، ويقول زيد بن أرقم المتقدم حيث قال: ولكن آله من حرم الصدقة بعده: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، فهؤلاء ذهبوا إلى أن المراد بالبيت بيت النسب.