(وخاتم النبيين) وقرأ الجمهور بتخفيف لكن ونصب رسول وخاتم ووجه النصب على خبرية كان المقدرة كما تقدم، ويجوز أن يكون بالعطف على (أبا أحد) قرىء بتشديد (لكن)، ونصب رسول، على أنه اسمها، وخبرها محذوف أي ولكن رسول الله هو، وقرأ الجمهور: وخاتم بكسر التاء، وقرىء بفتحها ومعنى الأولى أنه ختمهم أي جاء آخرهم ومعنى الثانية أنه صار كالخاتم لهم الذي يختمون به ويتزينون بكونه منهم، وقيل: كسر التاء وفتحها لغتان، قال أبو عبيدة: الوجه الكسر لأن التأويل أنه ختمهم، فهو خاتمهم، وأنه قال: أنا خاتم النبيين وخاتم الشيء آخره، ومنه قولهم: خاتمه المسك.
وقال الحسن: الخاتم هو الذي ختم به، والمعنى: ختم الله به النبوة فلا نبوة بعده ولا معه. قال ابن عباس: يريد لو لم أختم به النبيين لجعلت له ابناً يكون بعده نبياً، وعنه أن الله لما حكم أن لا نبي بعده؛ لم يعطه ولداً ذكراً يصير رجلاً، وعيسى ممن نبىء قبله: وحين ينزل ينزل عاملاً على شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - كأنه بعض أمته.
(وكان الله بكل شيء عليماً) قد أحاط علمه بكل شيء، ومن جملة معلوماته هذه الأحكام التي ذكرت هنا. أخرج أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى داراً فانتهى إلى لبنة واحدة فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة ".
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل ابتنى داراً فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة؛ فكان من دخلها فنظر إليها قال ما أحسنها إلا موضع اللبنة فأنا موضع اللبنة حتى ختم بي الأنبياء ".