للصداق تستحق نصف المسمى عملاً بقوله (فنصف ما فرضتم)، ومع عدم التسمية تستحق المتعة عملاً بهذه الآية، ويؤيد ذلك قوله تعالى (ولا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره)، وهذا الجمع لا بد منه، وهو مقدم على الترجيح وعلى دعوى النسخ، ويخصص من هذه الآية من توفي عنها زوجها، فإنه إذا مات بعد العقد عليها وقبل الدخول بها كان الموت كالدخول فتعتد أربعة أشهر وعشراً، قال ابن كثير بالإجماع، فيكون المخصص هو الإجماع.
(وسرحوهن سراحاً جميلاً) أي أخرجوهن من غير إضرار ولا منع حق من منازلكم، إذ ليس لكم عليهن عدة، والسراح الجميل الذي لا ضرار فيه وقيل: هو أن لا يطالبها بما كان قد أعطاها، وقيل هو هنا كناية عن الطلاق وهو بعيد، لأنه قد تقدم ذكر الطلاق، ورتب عليه التمتع، وعطف عليه السراح الجميل، فلا بد أن يراد به معنى غير الطلاق.
وعن ابن عباس في الآية قال: هذا في الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها من قبل أن يمسها فإذا طلقها واحدة بانت منه ولا عدة عليها تتزوج من شاءت ثم قال: (فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً)، يقول: إن كان سمى لها صداقاً فليس لها إلا النصف وإن لم يكن سمى لها صداقاً متعها على قدر عسره، ويسره وهو السراح الجميل.
وعن ابن عمر قال:(إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن) منسوخة نسختها التي في البقرة (فنصف ما فرضتم)، وعن سعيد بن المسيب نحوه، وعن الحسن وأبي العالية قالا: ليست بمنسوخة لها نصف الصداق، ولها المتاع وعن ابن جريج قال بلغ ابن عباس أن ابن مسعود يقول: إن طلق ما لم ينكح فهو جائز فقال ابن عباس: أخطأ في هذا إن الله يقول: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، ولم يقل: إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن.
وعن ابن عباس أنه تلا هذه الآية وقال: لا يكون طلاق حتى يكون نكاح، وقد وردت أحاديث فيها: أنه لا طلاق إلا بعد نكاح وهي معروفة.