مصدر مؤكد كوعد الله أي خالص لك خلوصاً، أو نعت مصدر مقدر أي: هبة خالصة، فنصبها بوهبت، وقد أجمع العلماء على أن هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لا يجوز لغيره ولا ينعقد النكاح بهبة المرأة نفسها إلا ما روي عن أبي حنيفة وصاحبيه أنه يصح النكاح إذا وهبت وأشهد هو على نفسه بمهر، وأما بدون مهر فلا خلاف في أن ذلك خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال.
(قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم) اعتراض مقرر لمضمون ما قيله من خلوص الإحلال له، أي ما فرضه الله سبحانه على المؤمنين في حق أزواجهم من شرائط العقد وحقوقه، فإن ذلك حق عليهم مفروض لا يحل لهم الإخلال به، ولا الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما خصه الله به توسعة عليه وتكريماً له، فلا يتزوجوا إلا أربعاً بمهر وبينة وولي.
وعن ابن عمر في الآية قال: فرض الله عليهم أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين. وعن ابن عباس: مثله وزاد ومهر.
(وما ملكت أيمانهم) أي وعلمنا ما فرضنا عليهم فيما ملكت أيمانهم من كونهم ممن يجوز سبيه وحربه، لا ممن كان لا يجوز سبيه أو كان له عهد من المسلمين؛ أي تكون الأمة ممن تحل لمالكها كالكتابية بخلاف المجوسية والوثنية، وأن تستبرأ قبل الوطء.
(لكيلا يكون عليك حرج) قال المفسرون: هذا يرجع إلى أول الآية أي أحللنا لك تزواجك وما ملكت يمينك، والواهبة نفسها لك لكيلا يكون عليك حرج؛ فتكون اللام متعلقة بأحللنا، وقيل هي متعلقة بخالصة قاله البيضاوي وأبو السعود، والتعلق باعتبار ما فيه من معنى ثبوت الإحلال وحصوله له - صلى الله عليه وسلم - والأول أولى، والحرج الضيق، أي وسعنا عليك في التحليل لك لئلا يضيق صدرك فتظن أنك قد أثمت في بعض المنكوحات.
(وكان الله غفوراً رحيماً) يغفر الذنوب فيما يعسر التحرز عنه، ويرحم العباد بالتوسعة في ذلك، ولذلك وسع الأمر ولم يضيقه.