يصنع في زوجاته ما شاء من تقديم وتأخير وعزل وإمساك، وضم من أرجى وإرجاء من ضم إليه، وما شاء في أمرهن فعل توسعة عليه ونفياً للحرج عنه، وأصل الجناح الميل، يقال: جنحت السفينة إذا مالت، والمعنى لا ميل عليك بلوم ولا عتب فيما فعلت.
(ذلك) أي ما تقدم من التفويض إلى مشيئته وهو مبتدأ وخبره قوله (أدنى أن تقر أعينهن) أي ذلك التخيير والتفويض فوضناك أقرب إلى رضائهن وأطيب لأنفسهن إذ كان من عندنا لأنهن إذا علمن أنه من الله قرت أعينهن، واطمأنت نفوسهن، وذهب التغاير وحصل الرضاء. قرىء تقر على البناء للفاعل مسنداً إلى أعينهن، وقرىء بضم التاء من أقرر وفاعله ضمير المخاطب وبنصب أعينهن على المفعولية، وقرىء على البناء للمفعول، وقد تقدم بيان معنى قرة العين في سورة مريم.
(ولا يحزن) أي لا يحصل معهن حزن بتأثيرك بعضهن دون بعض (ويرضين بما آتيتهن كلهن) أي بما أعطيتهن من تقريب وإرجاء وعزل وإيواء وكان يقسم بينهن في القسمة حتى مات، ولم يستعمل شيئاًً مما أتيح له ضبطاً لنفسه، وأخذاً بالأفضل غير سودة فإنها وهبت ليلتها لعائشة رضي الله عنهما.
(والله يعلم ما في قلوبكم) من كل ما تضمرونه ومن ذلك ما تضمرونه من أمور النساء والميل إلى بعضهن (وكان الله عليماً) بكل شيء وبما في ضمائركم لا تخفى عليه خافية (حليماً) عنكم لا يعاجل العصاة بالعقوبة فينبغي أن تتقى محارمه لأن انتقام الحليم وغضبه أمر عظيم.