شارح التنبيه استنبط من هذه الآية أن ما يفعله علماء هذا الزمان في ملابسهم من سعة الأكمام والعمة ولبس الطيلسان حسن، وإن لم يفعله السلف، لأن فيه تمييزاً لهم، وبذلك يعرفون فيلتفت إلى فتاواهم وأقوالهم انتهى. ومنه يعلم أن تمييز الأشراف بعلامة أمر مشروع أيضاًً انتهى.
أقول ما أبرد هذا الاستنباط وما أقل نفعه، لا سيما بعد ما ورد في السنة المطهرة من النهي عن الإسراف في اللباس وإطالته، وقد منع عن ذلك سلف الأمة وأئمتها فأين هذا من ذاك؟ وإنما هو بدعة أحللها علماء السوء ومشايخ الدنيا ولذا قال علي القاري في معرض الذم:" لهم عمائم كالأبراج، وكمائم كالأخراج " وأنكر عليهم ذلك أشد الإنكار، وما ذكره من أن زي العلماء والأشراف سنة رده ابن الحاج في المدخل بأنه مخالف لزيهم في زمن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) وزمن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من خير القرون، فإن قيل إنهم به يعرفون، قيل إنهم لو بقوا على الزي الأول عرفوا به أيضاًً لمخالفته لما عليه غيرهم الآن وأطال في إنكار ما قالوه، وقد بسطنا القول على ذلك في حجج الكرامة بالفارسية أيضاًً فراجعه.
(وكان الله غفوراً) لما سلف من ترك إدناء الجلابيب (رحيماً). بهن أو غفوراً لذنوب المذنبين رحيماً بهم، فيدخل في ذلك دخولاً أولياً.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر فقال: يا سودة أما والله ما يخفين علينا فانظري كيف تخرجين. قالت: فانكفأت راجعة ورسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) في بيتي، وإنه ليتعشى، وفي يده عرق، فدخلت وقالت: يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال عمر: كذا وكذا فأوحي إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن.
وعن أبي مالك قال: كان نساء النبي (- صلى الله عليه وسلم -) يخرجن لحاجتهن بالليل وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فَيَؤبْن فقيل ذلك للمنافقين فقالوا: إنما