قيل في الآية، وأقول ليس هذا بحسن ولا أحسن، فإن قوله ملعونين إلخ، إنما هو لمجرد الدعاء عليهم لا أنه أمر لرسوله (- صلى الله عليه وسلم -) بقتالهم ولا تسليط له عليهم، وقد قيل: إنهم انتهوا بعد نزول هذه الآية عن الإرجاف فلم يغره الله بهم، وجملة لنغرينك بهم، جواب القسم.
(ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً) وإنما عطف بثم لأن الجلاء عن الأوطان كان أعظم عليهم من جميع ما أصيبوا به فتراخت حاله عن حال المعطوف عليه يعني أنها للتفاوت الرتبي والدلالة على أن ما بعدها أبعد مما قبلها، وأعظم وأشد عندهم، والمعنى لا يساكنونك في المدينة إلا جواراً قليلاً حتى يخرجوا أو يهلكوا.
(ملعونين أينما ثقفوا) أي مطرودين أينما وجدوا وأدركوا (أخذوا وقتلوا تقتيلاً) دعاء عليهم بأن يؤخذوا ويقتلوا، والتشديد يدل على التكثير وقيل: إن هذا هو الحكم فيهم وليس بدعاء عليهم، والأول أولى، وقيل معنى الآية: أنهم إن أصروا على النفاق لم يكن لهم مقام بالمدينة إلا وهم مطرودون ملعونون.
وقد فعل بهم - صلى الله عليه وسلم - هذا فإنه لما نزلت سورة براءة جمعوا، فقال: النبي (- صلى الله عليه وسلم -): " يا فلان قم فاخرج فإنك منافق ويا فلان قم فقام إخوانهم من المسلمين وتولوا إخراجهم من المسجد ".