كعلامة. قال أبو حيان: إن اللغة لا تساعد عليه لأن كف ليس معناه جمع بل معناه منع، يقال كف يكف أي منع يمنع والمعنى إلا مانعاً لهم من الكفر، ومنه الكف لأنه يمنع من خروج ما فيه، وقيل إنه منتصب على المصدرية، والهاء للمبالغة كالعاقبة والعافية، والمراد أنها صفة مصدر محذوف أي إلا رسالة كافة، وقيل إنه حال من الناس، والتقدير:(وما أرسلناك إلا للناس كافة)، ورد بأنه لا يتقدم الحال من المجرور عليه كما هو مقرر في علم الإعراب، ويجاب عنه بأنه قد جوز ذلك أبو علي الفارسي وابن كيسان وابن برهان وابن ملكون، وممن رجح كونها حالاً من المجرور بعدها ابن عطية وقال: قدمت للاهتمام والتقوى ورده الزمخشري وقال خطأ، وقال المحلي: بل هو الصحيح، وقيل المعنى إلا ذا كافة أي ذا منع فحذف المضاف، قيل: اللام في للناس بمعنى إلى أي ما أرسلناك إلى الناس إلا جامعاً لهم بالإنذار والإبلاع أو مانعاً لهم من الكفر والمعاصي.
عن قتادة قال: أرسل الله محمداً إلى العرب والعجم فأكرمهم على الله أطوعهم له وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " أخرجه البخاري ومسلم. وفيه اختصاصه بالرسالة العامة لكافة الخلق الإنس والجن وهذه درجة خص بها دون سائر الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
(بشيراً ونذيراً) حال أي مبشراً لهم بالجنة أو بالفضل لمن أقر ومنذراً لهم من النار أو بالعدل لمن أصر (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ما عند الله وما لهم من النفع في إرسال الرسل فيحملهم جهلهم على مخالفتك.