ابن عباس: نزلت في أبي جهل ومشركي مكة، وقيل: نزلت في أصحاب الأهواء والبدع ومنهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم، وليس أصحاب الكبائر من الذنوب منهم لأنهم يعتقدون تحريمها مع ارتكابهم إياها.
(فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) مقررة لما قبلها ومحققة للحق ببيان أن الكل بمشيئته أي يضل من يشاء أن يضله ويهدي من يشاء أن يهديه وهذه الآية ترد على القدرية قولهم.
(فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) أي لا تحزن عليهم. قرىء: بفتح الفوقية والهاء مسنداً إلى النفس فيكون من باب لا أرينك ههنا أي لا تتعاط أسباب ذلك، وقرىء بضم التاء وكسر الهاء ونصب نفسك أي فلا تهلكها عليهم أي على عدم إيمانهم.
وقوله حسرات مفعول لأجله والجمع للدلالة على تضاعف اغتمامه على كثرة قبائحهم الموجبة للتأسف والتحسر عليهم، ويجوز أن ينتصب حسرات على الحال كأنها صارت كلها حسرات لفرط التحسر، كما روي عن سيبويه، وقال المبرد: إنها تمييز، وعليهم صلة لتذهب كما يقال: هلك عليه حباً، ومات عليه حزناً والحسرة شدة الحزن وهم النفس على ما فات من الأمر وأشد التلهف على الشيء الفائت، تقول: حسر على الشيء من باب طرب وحسره أيضاًً فهو حسير.
(إن الله عليم بما يصنعون) لا تخفى عليه من أفعالهم وأقوالهم خافية؛ والجملة تعليل لما قبلها مع ما تضمنته من الوعيد الشديد، ثم أخبر سبحانه عن نوع من أنواع بديع صنعه وعظيم قدرته ليتفكروا في ذلك وليعتبروا به فقال: