(وَمَكْرَ السَّيِّئِ) أي ولأجل مكر العمل السيء، أو منكروا المكر السيىء والمكر هو الحيلة والخداع والعمل القبيح، وأضيف إلا صفته كقولهم: مسجد الجامع وصلاة الأولى قرأ الجمهور: ومكر السيء بخفض همزة السيء، وقرأ الأعمش وحمزة: بسكونها وصلاً، وقد غلط كثير من النحاة هذه القراءة ونزهوا الأعمش على جلالته أن يقرأ بها. قالوا: وإنما كان يقف بالسكون فغلط من روى عنه أنه كان يقرأ بالسكون وصلاً، وتوجيه هذه القراءة ممكن بأن من قرأ بها أجرى الوصل مجرى الوقف، ومثله قراءة من قرأ:(ما يشعرْكم) بسكون الراء ومثل ذلك قراءة أبي عمر: (وإلى بارئْكم) بسكون الهمزة. وغير ذلك كثير قال أبو علي الفارسي: هذا على إجراء الوصل مجرى الوقف وقرأ ابن مسعود ومكراً سيئاً.
(ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) أي لا تنزل عاقبة السوء إلا بمن أساء. قال الكلبي: يحيق بمعنى يحيط، والحوق الإحاطة. يقال: حاق به كذا أي أحاط به، وهذا هو الظاهر من معنى يحيق في لغة العرب ولكن قطرب فسره هنا بينزل.
(فهل ينظرون) أي ما ينتظرون (إلا سنة الأولين) أي سنة الله فيهم بأن ينزل بهؤلاء العذاب كما نزل بأولئك (فلن تجد لسنة الله تبديلاً) أي لا يقدر أحد أن يبدل سنة الله التي سنها بالأمم المكذبة من إنزال عذابه بهم، بأن يضع موضعه غيره بدلاً عنه، والفاء لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب.
(ولن تجد لسنة الله تحويلاً) بأن يحول أحد ما جرت به سنة الله من العذاب فيدفعه عنهم ويضعه على غيرهم ونفي وجدان التبديل والتحويل كناية عن نفي وجودهما بالطريق البرهاني، وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما.