للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالت طائفة: إن الإخفاء في الفرض والتطوع (١).

عن ابن عباس قال: جعل السر في التطوع يفضل علانيتها سبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً، وكذا جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها (٢).

وعنه في الآية قال: كان هذا يعمل قبل أن تنزل براءة فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها، وعنه قال: هذا منسوخ، وقوله (في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) قال: منسوخ نسخ كل صدقة في القرآن الآية التي في سورة التوبة (إنما الصدقات للفقراء) وقد ورد في فضل صدقة السر أحاديث صحيحة مرفوعة.

(ونكفر عنكم من سيآتكم) مِن للتبعيض أي شيئاً من سيآتكم لأن الصدقات لا تكفر جميع السيئآت كذا قدره أبو البقاء، وحكى الطبري عن فرقة أنها زائدة، وذلك على رأي الأخفش، قال ابن عطية: وذلك منهم خطأ وقيل إنها للسببية أي من أجل ذنوبكم وهذا ضعيف، والسيئآت جمع سيئة ووزنها فَيعَلة وعينها واو، قال ابن عباس: جميع سيئاتكم (والله بما تعلمون خبير) يعني من إظهار الصدقات وإخفائها، وفيه ترغيب في الإسرار.


(١) وروى النسائي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة ". وفي الحديث: " صدقة السر السر تطفىء غضب الرب ".
(٢) روى الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة " وإسناده صحيح.
وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع اليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>