قال ويأتيك من لم تزود بالأخبار، وأنشد مرة أخرى قول العباس ابن مرداس السلمي:
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع
فقال: بين الأقرع وعيينة، وأنشد أيضاًً:
كفى بالإسلام والشيب ناهياً
فقال أبو بكر: يا رسول الله إنما قال الشاعر:
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فقال: أشهد أنك رسول الله، يقول الله عز وجل:(وما علمناه الشعر وما ينبغي له).
وقد وقع منه صلى الله عليه وسلم كثير من مثل هذا، قال الخليل: كان الشعر أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام، ولكن لا يتأتى منه. انتهى ووجه عدم تعليمه الشعر وعدم قدرته عليه التكميل للحجة، والدحض للشبهة كما جعله الله أمياً لا يقرأ، ولا يكتب وأما ما روي عنه من قوله صلى الله عليه وسلم.
" هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت "
وقوله:
" أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب "(١)
ونحو ذلك فمن الاتفاق الوارد من غير قصد كما يأتي ذلك في بعض آيات القرآن وليس بشعر ولا مراد به الشعر، بل اتفق ذلك اتفاقاً كما يقع في كثير من كلام الناس فإنهم قد يتكلمون بما لو اعتبره معتبر لكان على وزن الشعر، ولا يعدونه شعراً، وذلك كقوله تعالى:(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وقوله (وجفان كالجواب وقدور راسيات) على أنه قد قال الأخفش: إن قوله: أنا النبي لا كذب ليس بشعر.
(١) ولابن كثير كلام طويل حول هذه النقطة فليراجع هناك.