غير زيادة ولا نقصان ولا تقديم أجل ولا تأخيره بل يكتب ما يصلح أن يكون حجة عند الحاجة ويكون كل واحد منهما آمناً من إبطال حقه وأن يحترز من الألفاظ التي يقع النزاع فيها.
(وليملل) الإملال والإملاء لغتان، الأولى لغة أهل الحجاز وبني أسد، والثانية لغة بني تميم فهذه الآية جاءت على اللغة الأولى وجاء على اللغة الثانية قوله تعالى (فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً) والإدغام في مثل ذلك جائز لا واجب.
(الذي عليه الحق) هو من عليه الدين أمره الله تعالى بالإملاء لأن الشهادة إنما تكون على إقراره بثبوت الدين في ذمته (وليتق الله) الذي عليه الحق (ربه) أمره بالتقوى فيما يمليه على الكاتب فلا يجحد جميع الحق والبعض كما سيأتي، وبالغ في ذلك بالجمع بين الإسم والوصف (ولا يبخس منه شيئاً) نهاه عن البخس وهو النقص، وقيل إنه نهي للكاتب، والأول أولى لأن من عليه الحق هو الذي يتوقع منه النقص ولو كان نهياً للكاتب لم يقتصر في نهيه على النقص لأنه يتوقع منه الزيادة كما يتوقع منه النقص.
(فإن كان الذي عليه الحق) إظهار في مقام الإضمار لزيادة الكشف والبيان لا لأن الأمر والنهي لغيره (سفيهاً) السفيه هو الذي لا رأي له في حسن التصرف فلا يحسن الأخذ ولا الإعطاء، شبه بالثوب السفيه وهو الخفيف النسج، والعرب تطلق السفه على ضعف العقل تارة وعلى ضعف البدن أخرى، وبالجملة فالسفيه هو المبذّر إما لجهله بالتصرف أو لتلاعبه بالمال عبثاً مع كونه لا يجهل الصواب، وقيل الطفل أي جاهلاً بالإملاء.
(أو ضعيفاً) وهو الشيخ الكبير أو الصبي، قال أهل اللغة: الضعف بضم الضاد في البدن وفتحها في الرأي لعته أو جنون (أو لا يستطيع أن يملّ هو) يعني لخرس أو عِيّ أو عُجمة في كلامه أو حبس أو غيبة لا يمكنه الحضور عند الكاتب أو يجهل بماله وعليه أو لا يقدر على التعبير كما ينبغي، فهؤلاء