للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو علي الفارسي: يقال أرهنت في المعاملات، وأما في القرض والبيع فرهنت، وقال ابن السكيت: أرهنت فيهما بمعنى أسلفت، والمرتهن الذي يأخذ الرهن والشيء مرهون ورهين، وراهنت فلاناً على كذا مراهنة خاطرته، وقد ذهب الجمهور إلى أنه يصح الارتهان بالإيجاب والقبول من دون قبض.

(فإن أمن بعضكم بعضاً) أي الدائن المديون على حقه فلم يرتهنه يعني إن كان الذي عليه الحق أميناً عند صاحب الحق لحسن ظنه به وأمانته واستغنى بأمانته عن الارتهان (فليؤد الذي اؤتمن) وهو المديون (أمانته) أي الدين الذي عليه، والأمانة مصدر سُمي به الذي في الذمة وأضافها إلى الذي عليه الدين من حيث أن لها إليه نسبة.

(وليتق الله ربه) في أن لا يكتم من الحق شيئاً وفي أداء الحق عند حلول الأجل من غير مماطلة ولا جحود، بل يعامله المعاملة الحسنة كما أحسن ظنه فيه، وفيه مبالغات من حيث الإتيان بصيغة الأمر الظاهرة في الوجوب، والجمع بين ذكر الله والرب وذكره عقب الأمر بأداء الدين، وفيه من التحذير والتخويف ما لا يخفى.

(ولا تكتموا الشهادة) نهي للشهود أن يكتموا ما تحملوه من الشهادة إذا دعوا لإقامتها وهو في حكم التفسير لقوله (ولا يضار كاتب) أي لا يضارِر بكسر الراء الأولى على أحد التفسيرين المتقدمين (ومن يكتمها) يعني الشهادة (فإنه آثم) أي فاجر (قلبه) خص القلب بالذكر لأن الكتم من أفعاله ولكونه رئيس الأعضاء وهو المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد كله.

وإسناد الفعل إلى الجارحة التي تعمله أبلغ، وهو صريح في مؤاخذة الشخص بأعمال القلب، وارتفاع القلب على أنه فاعل أو مبتدأ وآثم خبره على ما تقرر في علم النحو، ويجوز أن يكون قلبه بدلاً من آثم، بدل البعض من

<<  <  ج: ص:  >  >>