للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا، والمعنى لا تحملنا من الأعمال ما لا نطيق وقيل: هو عبارة عن إنزال العقوبات كأنه قال لا تنزل علينا العقوبات بتفريطنا في المحافظة على تلك التكاليف الشاقة التي كلفت بها من قبلنا، وقيل المراد به الشاق الذي لا يكاد يستطاع من التكاليف، والطاقة القدرة على الشيء.

(واعف عنا) أي عن ذنوبنا يقال عفوت عن ذنبه إذا تركته ولم تعاقبه عليه (واغفر لنا) أى استر على ذنوبنا ولا تفضحنا بالمؤاخذة، والغفر الستر (وارحمنا) أي تفضل برحمة منك علمنا وتعطف بنا (أنت مولانا) أي ولينا وناصرنا، وخرج هذا مخرج التعليم كيف يدعون، وقيل معناه أنت سيدنا ونحن عبيدك (فانصرنا على القوم الكافرين) فإن من حق المولى أن ينصر عبيده والمراد عامة الكفرة وفيه إشارة إلى إعلاء كلمة الله بالجهاد في سبيله.

وقد قدمنا في شرح الآية التي قبل هذا أنه ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أن الله تعالى قال عقب كل دعوة من هذه الدعوات " قد فعلت " فكان ذلك دليلاً على أنه سبحانه لم يؤاخذهم بشيء من الخطأ والنسيان، ولا حمل عليهم شيئاً من الإصر الذي حمله على من قبلهم، ولا حمَّلهم ما لا طاقة لهم به، وعفا عنهم وغفر لهم ورحمهم ونصرهم على القوم الكافرين، والحمد لله رب العالمين.

وقد أخرج ابن ماجة وابن المنذر وابن حبان في صحيحه والطبراني والدارقطني والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (١) " وروي من طرق كثيرة وفي أسانيدها مقال ولكنها يقوّي بعضها بعضاً فلا يقصر عن رتبه الحسن لغيره، وقد تقدم حديث " قد فعلت " وهو يشهد لهذا الحديث.

وقد ورد عن جماعة من الصحابة وغيرهم أن جبريل لقّن النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) صحيح الجامع الصغير ١٧٢٧. والمشكاة ٦٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>