هنا وفي الذاريات في قوله تعالى " يوم هم على النار يفتنون " منفصلاً وهو الأصل أفاده السمين، ونحوه في شرح الجزرية لشيخ الإسلام، لأن (هم) مرفوع بالابتداء فالمناسب القطع، وما عداهما نحو " من يومهم الذي يوعدون "، " حتى يلاقوا يومهم "، موصول لأن هم فيهما ضمير مبني في محل جر، فالمناسب الوصل.
وجملة:(لا يخفى على الله منهم شيء) مستأنفة مبينة لبروزهم، أي لا يخفى عليه سبحانه شيء من ذواتهم وأحوالهم وأعمالهم التي عملوها في الدنيا أو حال من ضمير بارزون، أو خبر ثان للمبتدأ وقوله (لمن) خبر مقدم، وقوله:(الملك اليوم) مبتدأ مؤخر، والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر، كأنه قيل فماذا يقال عند بروز الخلائق في ذلك اليوم؟ فقيل يقال لمن الملك اليوم.
قال المفسرون إذا هلك كل من في السموات والأرض، فيقول الرب تبارك وتعالى هذا القول، فلا يجيبه أحد فيجيب تعالى نفسه فيقول:(لله الواحد القهار) خبر مبتدأ محذوف قال الحسن: هو السائل وهو المجيب، حين لا أحد يجيبه فيجيب نفسه. وقيل: إنه سبحانه يأمر منادياً بذلك فيقول أهل المحشر مؤمنهم وكافرهم (لله الواحد القهار).
قال النحاس: وهذا أصح ما قيل فيه وقيل: الأول ظاهر جداً، وقيل إنه يجيب المنادي بهذا الجواب أهل الجنة دون أهل النار إفاده الزمخشري. وقيل: هو حكاية لما ينطق به لسان الحال في ذلك اليوم لانقطاع دعاوى المبطلين، كما في قوله:(وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) وقال القرطبي: وذلك عند فناء الخلق، وقيل: بقوله تعالى بين النفختين، ويجيب نفسه بعد أربعين سنة.