فرعون ذلك تمويهاً وتلبيساً، وتخليطاً على قومه، وإلا فهو يعرف ويعتقد حقيقة الإله، وأنه ليس في جهة العلو، ولكنه أراد التلبيس على قومه توصلاً لبقائهم على الكفر، فكأنه يقول. لو كان إله موسى موجوداً لكان له محل، ومحله إما الأرض وإما السماء، ولم نره في الأرض فيبقى أن يكون في السماء، والسماء لا توصل إليها إلا بسلم قاله الحفناوي.
(وكذلك) التزيين (زين لفرعون سوء عمله) من الشرك والتكذيب فتمادى في الغي واستمر على الطغيان، والمزين هو الشيطان (وصد عن السبيل) أي سبيل الرشاد والهدى، قرأ الجمهور وصد بفتح الصاد والدال، أي صد فرعون الناس عن السبيل، وقرأ الكوفيون وصد بضم الصاد مبنياً للمفعول، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم.
ولعل وجه الاختيار لها منهما كونها مطابقة لما أجمعوا عليه في زين، من البناء للمفعول والقراءتان سبعيتان وقرأ يحيى بن وثاب وعلقمة.
صد بكسر الصاد وضم الدال منوناً وقرأ ابن أبي إسحق وعبد الرحمن بن أبي بكر بفتح الصاد وضم الدال منوناً، وكل من هاتين القراءتين على أنه مصدر معطوف على:(سوء عمله)، أي زين له الشيطان سوء العمل والصد.
(وما كيد فرعون) في إبطال آيات موسى (إلا في تباب) أي خسار وهلاك، قال ابن عباس: التباب الخسران، ومنه (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) ثم إن ذلك الرجل المؤمن أعاد التذكير والتحذير كما حكى عنه بقوله: